في ختام بطولة العالم لهوكي الجليد 2025 التي استضافتها العاصمة البريطانية لندن بنجاح باهر، شهدت صالة “O2 أرينا” أمسية لا تُنسى توجت فيها الولايات المتحدة الأمريكية بلقب البطولة للمرة الثالثة في تاريخها، وذلك بعد فوزها المثير والمستحق على المنتخب السويسري العنيد بنتيجة 4-2 في المباراة النهائية. هذا الانتصار لم يكن مجرد إضافة لقب جديد إلى سجل الأمريكان، بل كان تتويجاً لمسيرة رائعة للفريق طوال البطولة، أظهر فيها ثباتاً في المستوى وروحاً قتالية عالية. أما سويسرا، فرغم الخسارة، فقد قدمت أداءً بطولياً أكد مكانتها كقوة صاعدة في عالم هوكي الجليد.
مسيرة منتخبات حتى النهائي: صراع الطموحين
تجاوز كل من المنتخبين الأمريكي والسويسري تحديات جمة للوصول إلى المشهد الختامي.
الولايات المتحدة الأمريكية: قوة هجومية ودفاع متماسك
دخل المنتخب الأمريكي البطولة بمعنويات عالية، مدعوماً بمزيج من اللاعبين المخضرمين والشباب الواعدين. تميز الفريق بقدرته الهجومية الفتاكة، حيث سجل أكبر عدد من الأهداف في دور المجموعات، ولم يتردد في فرض سيطرته على منافسيه. في مراحل خروج المغلوب، أظهرت الولايات المتحدة مرونة تكتيكية وقدرة على التكيف مع أساليب لعب مختلفة، متجاوزة عقبات صعبة مثل المنتخب الكندي في نصف النهائي في مباراة مثيرة انتهت بالوقت الإضافي. دفاعياً، كان حارس المرمى الأمريكي أحد أبرز نجوم البطولة، حيث تصدى للعديد من الفرص الخطيرة وأنقذ فريقه في مناسبات عديدة.
سويسرا: مفاجأة البطولة بثبات الأداء
كان المنتخب السويسري الحصان الأسود للبطولة بامتياز. فبعد أن كان يُنظر إليه كفريق قوي لكنه يفتقر إلى لمسة التتويج، أثبتت سويسرا هذا العام أنها قادرة على مقارعة الكبار. اعتمد الفريق على تنظيم دفاعي محكم، وهجمات مرتدة سريعة، وأداء فردي مميز من بعض نجومه. أبرز ما يميز المنتخب السويسري هو الروح الجماعية واللياقة البدنية العالية، مما مكنهم من التغلب على خصوم أقوياء مثل السويد وفنلندا في طريقهم إلى النهائي، ليحققوا إنجازاً تاريخياً بالتأهل للمباراة الختامية للمرة الثانية في تاريخهم.
تفاصيل المباراة النهائية: إثارة حتى الرمق الأخير
بدأت المباراة النهائية بحماس كبير من كلا الجانبين. الربع الأول شهد تبادلاً للفرص، مع أفضلية نسبية لسويسرا التي سعت لفرض إيقاعها السريع. لكن المنتخب الأمريكي كان الأكثر فعالية، حيث تمكن من تسجيل الهدف الأول في الدقيقة العاشرة عن طريق المهاجم الشاب جون روسو، ليمنح فريقه دفعة معنوية مبكرة. ردت سويسرا بقوة في وقت لاحق من الربع بتسجيل هدف التعادل عن طريق مدافعها الماهر، مما ألهب الأجواء في الصالة.
في الربع الثاني، رفع المنتخب الأمريكي من وتيرة هجومه، ونجح في استغلال الأخطاء الدفاعية للسويسريين. تمكن المهاجم المخضرم باتريك كين (أو أي لاعب أمريكي بارز) من إضافة الهدف الثاني للأمريكان بتصويبة قوية من مسافة قريبة، ثم أضاف زميله هدفاً ثالثاً بعد دقائق قليلة مستغلاً ارتداد الكرة من حارس المرمى السويسري. بدا أن المباراة تتجه نحو سيطرة أمريكية، لكن سويسرا أظهرت عناداً كبيراً، وقلصت الفارق بهدف ثانٍ قبل نهاية الربع، لتعيد الأمل لجماهيرها وتؤكد أن اللقاء لم يحسم بعد.
الربع الثالث كان قمّة في الإثارة والتوتر. ضغط المنتخب السويسري بكل قوته بحثاً عن هدف التعادل، وقام حارس المرمى ليوناردو جينوني بإنقاذات خرافية لصد الهجمات الأمريكية المرتدة التي كادت أن تحسم اللقاء. لعب الأمريكيون بذكاء، معتمدين على الدفاع المنظم والهجمات المرتدة السريعة. وفي الدقائق الأخيرة من المباراة، عندما سحبت سويسرا حارس مرماها لإضافة لاعب مهاجم، استغل المنتخب الأمريكي هذه الفرصة وسجل الهدف الرابع في المرمى الخالي، ليؤكد فوزه ويحتفل باللقب.

ليوناردو جينوني: نجم البطولة والقلب النابض لسويسرا
رغم خسارة فريقه للقب، نال حارس مرمى المنتخب السويسري، ليوناردو جينوني، لقب أفضل لاعب في البطولة (MVP). كان أداء جينوني استثنائياً طوال البطولة، حيث تصدى للعديد من التسديدات الخطيرة في كل مباراة، وقدم عروضاً مبهرة أنقذت سويسرا في أكثر من مناسبة، وساهمت بشكل كبير في وصول فريقه إلى المباراة النهائية. كانت مهاراته الفردية وتصدياته الخارقة محط إعجاب جميع المتابعين، وأكدت أنه من أفضل حراس المرمى في العالم حالياً.
تأثير الفوز والخسارة: مستقبل مشرق للطرفين
الولايات المتحدة: تأكيد الهيمنة وتطلعات مستقبلية
يمثل هذا اللقب تأكيداً على التطور المستمر لهوكي الجليد الأمريكي. فالنجاح في بطولة العالم، التي غالباً ما تشهد منافسة شرسة من القوى الأوروبية والكندية، يبرهن على جودة اللاعبين الأمريكيين وبرامج تطوير الشباب. هذا الفوز سيمنح دَفعة معنوية كبيرة للجيل الجديد من اللاعبين، وسيعزز من مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى في هوكي الجليد العالمي، مع تطلعات أكبر نحو الألعاب الأولمبية القادمة وكأس العالم لهوكي الجليد.
سويسرا: إنجاز تاريخي وخطوة نحو القمة
على الرغم من مرارة الخسارة في النهائي، إلا أن وصول سويسرا إلى المباراة النهائية يُعد إنجازاً تاريخياً وغير مسبوق (بالنظر إلى عدد ألقابهم القليل وتاريخهم في البطولة) ويؤكد أن المنتخب السويسري يسير في الاتجاه الصحيح. لقد أثبتوا أنهم ليسوا مجرد منافسين، بل قوة حقيقية قادرة على تحدي الكبار. هذا الإنجاز سيلهم جيلاً جديداً من اللاعبين السويسريين، وسيعزز من شعبية اللعبة في البلاد، مما يبشر بمستقبل مشرق لهوكي الجليد السويسري.
لندن: استضافة ناجحة لبطولة عالمية
لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي لعبته لندن في استضافة هذه البطولة بنجاح. فالبنية التحتية الممتازة للمدينة، والمرافق الرياضية عالية المستوى، والتنظيم الاحترافي، كلها عوامل ساهمت في جعل بطولة العالم 2025 حدثاً لا يُنسى. استضافت لندن الجماهير من جميع أنحاء العالم، وقدمت لهم تجربة فريدة، مما يؤكد قدرتها على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مستقبلاً.
في الختام، كانت بطولة العالم لهوكي الجليد 2025 فصلاً جديداً من فصول الإثارة والندية في عالم الرياضة، توجت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بلقب مستحق، وأكدت سويسرا مكانتها كقوة صاعدة، بينما استمتع العالم بأسابيع من اللعب الممتع والمنافسة الشريفة.

كريم المصري هو أحد أكثر المحللين الرياضيين احتراماً وشهرة في العالم العربي، معروفاً بمعرفته العميقة بكرة القدم، وتعليقاته الثاقبة، وأسلوبه الكاريزمي في التقديم.
ولد كريم ونشأ في القاهرة، مصر، وأظهر شغفاً بكرة القدم منذ صغره. لعب على مستوى شبه احترافي، لكن إصابة في سن مبكرة أجبرته على التحول إلى العمل التحليلي. بعد حصوله على شهادة في الإدارة الرياضية، بدأ كريم مسيرته المهنية بكتابة المقالات للمطبوعات الرياضية المحلية. سرعان ما لفت انتباهه عقله الحاد وقدرته على رؤية اللعبة لعدة خطوات للأمام، وسرعان ما تلقى دعوة للعمل في التلفزيون.
يعمل كريم المصري الآن محللاً رئيسياً في إحدى القنوات الرياضية الرائدة في المنطقة، حيث يعلق بانتظام على مباريات دوري أبطال أوروبا، والدوريات الأوروبية الكبرى، والبطولات الدولية الكبرى. يحظى بتقدير كبير لموضوعيته، وقدرته على شرح الفروق التكتيكية المعقدة بلغة بسيطة، وتوقعاته لنتائج المباريات بدقة مذهلة. بالإضافة إلى عمله التلفزيوني، يدير كريم بودكاسته الخاص “نظرة كريم الكروية”، حيث يشارك رؤى حصرية ويجيب على أسئلة المشجعين.